1. الأمثال تبرز المعقول في صورة المحسوس الذي يلمسه الناس، فيتقبله العقل؛ لأن المعاني المعقولة لا تستقر في الذهن إلا إذا صيغت في صورة حسية قريبة الفهم.
2. وتكشف الأمثال عن الحقائق، وتعرض الغائب في معرض الحاضر.
3. وتجمع الأمثال المعنى الرائع في عبارة موجزة.
4. ويضرب المثل للترغيب في الممثَّل به مما ترغب فيه النفوس.
5. ويضرب المثل للتنكير حيث يكون الممثَّل به مما تكرهه النفوس.
6. ويضرب المثل لمدح الممثَّل به.
7. وفيه أيضا تبكيت الخصم.
8. والأمثال أوقع في النفس، وأبلغ في الوعظ، وأقوى في الزجر، وأقوم في الإقناع، وقد أكثر النبي صلى الله عليه وسلم الأمثال في السنة للتذكرة والعبرة.
واستعان بها الداعون إلى الله في كل عصر لنصرة الحق وإقامة الحجة، ويستعين بها المربون ويتخذونها من وسائل الإيضاح والتشويق، ووسائل التربية في الترغيب أو التنفير، وفي المدح أو الذم.
قال الزمخشرى التمثيل إنما يصار إليه لكشف المعاني وإدناء المتوهم من المشاهد فإن كان المتمثل له عظيما كان المتمثل به مثله وإن كان حقيرا كان المتمثل به كذلك فليس العظم والحقارة في المضروب به المثل إلا بأمر استدعته حال الممثل له ألا ترى أن الحق لما كان واضحا جليا تمثل له بالضياء والنور، وأن الباطل لما كان بضده تمثل له بالظلمة، وكذلك جعل بيت العنكبوت مثلا في الوهن والضعف (6).
وقال الأصبهاني: لضرب العرب الأمثال واستحضار العلماء النظائر شأن ليس بالخفي في إبراز خفيات الدقائق ورفع الأستار عن الحقائق، تريك المتخيل في صورة المتحقق والمتوهم في معرض المتيقن والغائب كأنه مشاهد، وفي ضرب الأمثال تبكيت للخصم الشديد الخصومة، وقمع لسورة الجامح الأبي؛ فإنه يؤثر في القلوب ما لا يؤثر في وصف الشيء في نفسه؛ ولذلك أكثر الله تعالى في كتابه وفي سائر كتبه الأمثال، وفشت في كلام النبي وكلام الأنبياء والحكماء (7).
وقال البيضاوي: يضرب المثل زيادة في التوضيح والتقرير، فإنه أوقع في القلب، وأقمع للخصم الألد، ولأنه يريك المتخيل محققا والمعقول محسوسا، والأمر ما أكثر الله في كتبه الأمثال، وفشت في كلام الأنبياء والحكماء (8).
والخلاصة: أن ضرب الأمثال يستفاد منه أمور كثيرة، منها: التذكير، والوعظ، والحث، والزجر، والاعتبار، والتقرير، وتقريب المراد للعقل، وتصويره بصورة المحسوس، فإن الأمثال تصور المعاني بصورة الأشخاص؛ لأنها أثبت في الأذهان لاستعانة الذهن فيها بالحواس، ومن ثم كان الغرض من المثل تشبيه الخفي بالجلي والغائب بالشاهد (9).
المصنفات في الأمثال
من العلماء من أفرد الأمثال في السنة بالتأليف، منهم أبو الحسن الرامهرمزي حيث سمّى كتابه " أمثال الحديث المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم"، وأبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان, وكتابه المسمى " كتاب الأمثال في الحديث النبوي"، ومنهم من عقد لها بابًا أو كتاب من مصنفه، كأبي عيسى الترمذي الذي عقد أبوابًا في جامعه سماها: " أبواب الأمثال عن رسول الله صلى الله عليه وسلم".
يقول القاضي أبو بكر بن العربي: " لم أر من أهل الحديث من صنّف فأفرد للأمثال بابًا غير أبي عيسى، ولله دره، لقد فتح بابًا، وبنى قصرًا أو دارًا، ولكنه اختط خطًا صغيرًا، فنحن نقنع به، ونشكره عليه".
المنهج في دراسة الأمثال:
لأهمية الأمثال في السنة النبوية اخترنا طرفاً صالحاً منها من كتب السنة، وفق المنهج الأتي:
1- الاقتصار على ما صح سنده منها، ففيها الكفاية والغنية.
2- تخريج الأحاديث من كتب السنة المعتمدة.
3- شرح المفردات الغريبة في متن الحديث، مع شرح إجمالي للحديث عند الحاجة إلى ذلك.
4- ذكر أهم الفوائد المستنبطة من المثل.
5- الرجوع إلى المصادر الرئيسة، من شروح السنة، وغريب الحديث، وكتب اللغة، مع الإشارة إلى ذلك في الحاشية.